مسافات… جدية عثمان – امرأة تغسل الوجع… ولا تنحني

مسافات… جدية عثمان
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!بورتسودان 20 نوفمبر 2025
امرأة تغسل الوجع… ولا تنحني
في زاوية منسية داخل مركز إيواء نازحين في منطقة الثورة بمدينة بورتسودان جلست هذه السيدة تغسل الثياب بيدين أثقلتهما الأيام. للوهلة الأولى قد يبدو المشهد بسيطا غير أن الحقيقة أعمق بكثير من رغوة الماء وصوت احتكاك الملابس فهي لا تغسل ملابسها فقط… بل تغسل هموم الحياة ورهق العيش. تعصر بين يديها لحظات الألم والنزوح القاسي، وذكريات بيتها الذي دُمر على يد الميليشيا… بيت كان يضم أحلامها الصغيرة ويمنحها أمانا لم يعد موجودا إلا في الذاكرة.
كانت تغسل ما التصق بكرامتها من غبار الفقد والحرمان وتستعيد في كل حركة حقّها الطبيعي في حياة كريمة وتتشبث بما بقي لها من قوة. لم تكون وحدها التي تُعيد ترتيب تفاصيل يومها داخل المركز بل كانت مع اخريات يبحثن في الزوايا عن شعاع أمل يخفّف عنهنّ ما أثقل الروح.
اما هي فكانت مع كل قطعة تُنهي غسلها ترفع عينيها إلى السماء وكأنها تحاور القدر و تهيئ قلبها للغد و تتعايش مع قسوة المكان لكنها لم تستسلم تنتظر الفرح وتستدعي الصبر وتحتضن حلم العودة… العودة إلى بيتها إلى ما تبقّى من حياتها التي تستحق أن تُرمّم مهما عصفت بها الأيام.
مسافات… جدية عثمان
بورتسودان 20 نوفمبر 2025



