رأي

عثمان عولي يكتب – قناديل الإذاعة والتلفزيون

مرفأ الكلمات

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

عذراً إن خانني قلمي، فالحزن يلفّ القلب، والمضغة الصالحة في الجسد تهتز بين الأسى والذكرى. في يوم ليس كالأيام، وفي ظرف ليس كغيره، وقفت أمام قائمة الشهداء التي خُطّت بأيدٍ دامعة في إفطار العاملين بـ بيت السودان. وقفت أستعيد تفاصيل تلك الأسماء، أستحضر وجوههم، أصواتهم، ضحكاتهم، وذكريات العمل المشترك داخل أروقة الإذاعة والتلفزيون.

من علي الحبوب.. حتى آخر اسمٍ محفورٍ في القلب
بدأت من الاسم الأول، السائق علي الحبوب، ومررت على الأسماء واحدًا تلو الآخر، حتى وصلت إلى آخر اسم في القائمة، وسألت نفسي: هل ستقف القائمة هنا، أم أن يد المنون ستمتد لتضيف إليها مزيدًا من الأحباب؟ لم تمضِ سوى 48 ساعة حتى فُجعنا بأربعة أسماء جديدة: فاروق الزاهر، مجدي عبدالرحمن، إبراهيم مضوي، وجدي.

حرب الكرامة ونزيف الفقد
الحرب التي تدور رحاها اليوم لم تأخذ منا فقط أهلًا وأحبابًا، بل خطفت شبابًا كانوا بيننا كالنور، يشعلون المكان حركةً وحياة. أبناء القوات المسلحة، القوات المساندة، الشرطة، المستبسلون في الميدان، كلهم ارتالٌ من الشهداء، يروون تراب الوطن بدمائهم الطاهرة.

رحيلٌ في أجمل الأيام
لكن أقسى الفقد هو فقد من عشنا معهم أكثر مما عشنا مع أسرنا، زاملناهم ليلاً ونهارًا، تبادلنا معهم الضحكات، خططنا لمشاريع وأحلام لم تكتمل. أحدهم كان معي قبل أيام، يعد العدة لبرامج رمضان والعيد، وثّقت لحظاته بكاميرا هاتفي، لم أكن أعلم أنها ستكون آخر مرة أراه فيها. كان حريصًا على التفاصيل، يضع لمساته على كل عمل، لكنه طلب ألا أذكره كي لا يُحسب عمله رياءً، فيذهب أجره.

ذهب، لكنه لم يرحل، بقيت روحه ترفرف حولنا، بقيت ابتسامته المشرقة، وذكرى جهده الذي لم يتوقف. اختارته المنية في أعظم الأيام، يوم الجمعة، في أواخر رمضان، وكأنها إشارةٌ بأن حسن الخاتمة قد كُتب له.

رحمكم الله جميعًا أيها الأصدقاء، أيها الزملاء، أيها الأحبة. نراكم في الفردوس الأعلى، ونلتقي على أبواب الجنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى