رأي

حسن علي عباس يكتب.. مشروع الجزيرة… آن الأوان لعودة الإبن الضال إلى أهله

عُقَد ومناشير

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

لقد بلغت الجزيرة من الإهمال ( مع سبق الإصرار والترصد) طيلة العقود الماضية، من الحال ما يجعل الف سؤال وسؤال يلوح إلى الخاطر.. لماذا الجزيرة؟ وبأي ذنب قتلت؟ وكانت في سبعينيات القرن الماضي تمثل العمود الفقري للإقتصاد الوطني بذهبها الأبيض ( وضراع أهلها اللخدر) ، وبيوتها المفتوحات ، وحبها الحصيد وجناتها المعروشات ، أما وأن تغير حال مُزارع وإنسان الجزيرة بتغير حال المشروع فأصبح ( يكابد ويجابد) لتوفير القوت لأهل بيته بعد أن طرأت عوامل كثيرة فنية وسياسية غيرت حال المشروع فتغير معها حال المزارع ، الم تكن كل هذه مؤشرات تدعو لأن يعلو صوت أهل الجزيرة أو يعلنوا التمرد مثلما حمل غيرهم السلاح لأنهم أحسوا التهميش وضياع حقوقهم أو بالأحرى سُلبت حقوقهم لأسباب ما، فغيرهم دخلوا الغابات ومنهم من تحصن بالجبال ومنهم من تغلغل في الصحارى والفيافي شاهراً السلاح في وجه الدولة غير أن أهل الجزيرة لم يفعلوا ذلك كله رغم شعورهم بالتهميش وبضياع ماردهم الأخضر واختطافه من بين أيديهم بفعل فاعل غير أن سلميتهم وبساطتهم درأتهم عن ذلك إذ إن البلاد لا تحتمل المزيد من الجراح والتشظي ولكن لا أحد ولا مسؤول ولا حكومة تشعر بوجع أهل الجزيرة وبظلمهم البائن إذن فماذا يفعلون؟؟؟.

لقد آن الأوان أن يعود الإبن الضال إلى أهله في سلام أن يعود مشروع الجزيرة إلى أهل الجزيرة وأن يصبح ولائياً لا قومياً ( يتربى في عز أهلو) فما عاد يكفي لغير أهله، لذا يجب على الحكومة المركزية أن ترفع يدها عن مشروع الجزيرة لتعود ملكيته لأهل وإنسان وحكومة الجزيرة برمته وعلاته وحالته الراهنة فهم الأقدر والأدرى أكثر من غيرهم على إدارته وعلاج جراحه وجسده الذي أنهكته القوانين المفخخة ومناورات قتله بصورة مباشرة وغير مباشرة طيلة فترات الحكم السابقة من عمره وقد بلغ المائة عام بدخول العام ٢٠٢٥م وحتى يوم الناس هذا لم ينعم أهل الجزيرة بالطرق الممتدة الممهدة التي تحمل إنتاجهم إلى الأسواق أو المستشفيات المقتدرة والقادرة على إستيعاب وإستقبال الحالات المستعصية للمرضى أو حالات الولادة المتعثرة والطوارئ أو محطات المياه الصالحة للشرب والمدارس المهيأة لتعليم أبناء وبنات الجزيرة في مناطقهم دون أن يسافروا أو يهاجروا أو يسيروا على الأقدام بنين وبنات إلى مسافات طويلة أو أن ينعموا بالكهرباء التي تضيء طرقاتهم وبيوتهم مثل طرقات وبيوتات المدينة ( وبيوت أهل العز)، ناهيك عن أن أهل الجزيرة لم يكن منهم ممثلا في الحكومات ولا وزير ولا محافظ ولا حتى ناظر مدرسة وقس على ذلك… فأي ظلم مني به ( أهل العوض) كما يقول المتقولين من المتمدنين…

إن مزارعي مشروع الجزيرة لم يعودوا أؤلئك البسطاء من جدودنا وآبائنا وأهلنا فالغيط الآن يعمل فيه الأطباء والمهندسون والقانونيون والمعلمون والمحاسبون والإعلاميون… الخ.. فهؤلاء يخلعون ثوب الأفندية وينغرسون في الطين مع سيقان القصب والسنابل ( بين الترعة وأبو ستة وأبو عشرين) فأصبحت لا تنطلي عليهم الوعود وتسويفات المسؤولين الحكوميين بأن قادم الجزيرة أحلى وأن يجعلوا ( بجرة قلم) الريع الأكبر من المشروع لأهل الجزيرة وغيرها من أدوات التطمين والتسويف الحكومية، وأن يظل المشروع على وضعه وما هو عليه ، وأن تدخل ( عطية المزين) خزينة الجزيرة بينما يذهب الريع الأكبر لقيصر .. لا.. فقد غدت القناعة الراسخة بأن يعود المشروع لأهله بحيث تكون المرجعية الأولى فيه ورأس الهرم هو الوالي أو حاكم الجزيرة ثم بعد ذلك يتسلسل الهيكل الإداري للمشروع بدءاً من رئيس مجلس الإدارة ثم المدير العام أو المحافظ الذي يعينه والي الجزيرة ثم يأتي بقية جسم الهرم.

فالجزيرة مثلما تعطي من حقولها لوزات قطن وسنابل فإن رحمها الولود قد خرج منه المهندسون الزراعيون وخبراء التربة ومهندسو الري والبيطريون وخبراء مكافحة الآفات وخبراء التقانة الزراعية وغيرها من التخصصات التي يحتاجها المشروع وكلهم يمتلكون القدرات والإمكانيات لإدارة المشروع كلٌ في مجال تخصصه.

فهذا هو الحل لأهل الجزيرة حتى ينعموا بخير ماردهم الأخضر وحتى يعود المارد الأخضر إلى سيرته الأولى عتياً فتياً بعد أن فشلت في ذلك كل المعالجات الموضعية

فالكثيرين من الذين حاربوا الدولة وأعلنوا تمردهم عليها كان زعمهم التهميش ولعله آن الأوان أن تبحث الدولة بتمحيص دقيق وعميق وبطرق علمية وعملية في تعزيز عوامل وأسباب إستقرار المجتمعات الريفية والولائية وتحقيق رفاهها وتثبيت حقوق مواطنيها وتوطين الخدمات الأساسية بها من مواردها الذاتية دون فرض أي نوع من الوصاية والسيطرة عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى