✒️بقلم الشنبلي – الزعيم مضوي الزين2

في ذاكرة السودان الممتدة عبر القرون، حين تتقاطع سير القبائل العريقة وتتعانق أمجاد الأبطال، يسطع اسم مضوي الزين زعيم الكواهلة، كالبرق الخاطف الذي يشق ظلمة الليل، وكالنجم الهادي الذي تهتدي به القوافل في الصحارى. لم يكن اسمه مجرد حروفٍ تتناقلها الألسن، بل كان رمزًا للزعامة، وعنوانًا للمروءة، وصوتًا للكرامة التي لا تُباع ولا تُشترى.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!هو الرجل الذي لم تجمعنا به الطرق ولا مضارب القبيلة، ولكن جمعتنا به الكلمة الصادقة، والموقف الراسخ، والحكمة التي تنزل بردًا وسلامًا على القلوب. في كل كلمة له صدى، وفي كل سطرٍ من كتاباته أثر، حتى غدا حضوره أوسع من المكان، وأطول من الزمان، وأثبت من الجبال الرواسي.
*صورة الزعيم*
مضوي الزين ليس زعيمًا تصنعه المناصب ولا الكراسي، بل زعيم بالفطرة، طُبع على الشهامة كما تُطبع الشمس على الإشراق، وجُبل على الرجاحة كما يُجبل النيل على الجريان. في ملامحه ترى سمت الأجداد، وفي عينيه بريق الحكمة، وفي هدوئه مهابة لا تُقاوم. فإذا تحدث أصغت له الأسماع، وإذا صمت توجّس الجمع كأنهم ينتظرون فصل الخطاب.
هو زعيم الكواهلة، لكنه لم يحصر زعامته في حدود القبيلة؛ بل مدها لتكون وطنًا كاملًا. في شخصه يلتقي الكرم الذي يسع الضيف والغريب، والشجاعة التي لا تلين أمام الباطل، والحكمة التي تداوي الجراح، والتواضع الذي يجعله قريبًا من كل إنسان.
*زعامة من نوع آخر*
لقد علّم مضوي الزين أن الزعامة ليست في كثرة الأتباع ولا في ارتفاع الصوت، وإنما في القدرة على أن تكون ملاذًا للناس، وموئلًا للثقة، وصوتًا للحق. زعامته ليست سلطة تُمارس، بل رسالة تُؤدى، وعهد يُحفظ، وأمانة لا يخونها.
الناس حين يذكرونه، يذكرون رجلًا لا يعرف الكبر، ولا يتعالى على من حوله، بل يقابل الصغير والكبير بوجهٍ سمح، وكلمة طيبة، ونصيحة صادقة. هو كالنخلة؛ شامخة في علوها، باسقة في عظمتها، لكنها لا تبخل بظلها على المارة، ولا بثمرها على من يحتاج.
*بين الماضي والحاضر*
مضوي الزين هو حلقة الوصل بين ما كان وما هو كائن. تراه وكأنك ترى ظل الأجداد الذين حموا الأرض وصانوا العرض، وترى فيه ملامح المستقبل الذي يحتاج إلى رجالٍ يعرفون أن الكرامة لا تُفرّط، وأن القيم لا تُباع. في شخصه يلتقي الماضي الذي يحكي قصص الفروسية والبطولات، والحاضر الذي يحتاج إلى صوت الحكمة والعقل.
كأنه خرج من بطون السير الشعبية القديمة؛ من قصص عنترة والمهلهل، من حكايات الفروسية والمروءة، من أمجاد القبائل حين كانت الكلمة عهدًا، والزعامة أمانة، والرجولة فعلًا لا قولًا.
*أثره في النفوس*
إن حضوره في فضاء التواصل الاجتماعي ليس حضورًا عابرًا، بل حضور يفرض نفسه. فإذا كتب جملة، تحولت إلى مثل يتداوله الناس. وإذا علّق على موقف، صار تعليقه شاهدًا على الحدث. وكأن قلمه وريثٌ لأساطير الحكماء، وصوته امتدادٌ لصدى التاريخ.
أثره لا يقف عند حدود الشاشات، بل يتجاوزها إلى القلوب، لأن الزعامة الحقيقية لا تُقاس بمسافة المكان، بل تُقاس بمدى ما تتركه في النفوس. ومضوي الزين ترك في النفوس أثرًا عميقًا، يثبت أن الرجال العظام لا يحتاجون إلى أبراج عالية ليُرى مجدهم، يكفي أن يكونوا صادقين ليصيروا قناديل في الظلام.
*الخلود في الذاكرة*
سيبقى مضوي الزين في ذاكرة السودان كما بقيت أسماء الأبطال الذين صنعوا للأمة تاريخها. سيُذكر اسمه حين يُذكر الكرم، وحين تُذكر الشجاعة، وحين تُذكر الزعامة الأصيلة. سيبقى رمزًا يتوارثه الأبناء عن الآباء، وتُروى سيرته كما تُروى ملاحم الرجال الذين خلدوا أنفسهم بصدقهم لا بمناصبهم.
هو أسطورة من لحم ودم، أسطورة تجسدت في رجل حمل الزعامة كأمانة، وأدّاها كرسالة، وخلّدها كملحمة. وإذا كانت الأمم تُقاس برجالها، فإن السودان يفخر أن فيه رجالًا مثل مضوي الزين، زعيم الكواهلة، وراية من رايات المروءة التي لا تسقط أبدًا.
*الخاتمة*
مضوي الزين ليس مجرد زعيم؛ إنه مدرسة، ملحمة، وأسطورة تمشي على الأرض. سيبقى في ذاكرة من عرفوه ومن لم يعرفوه، لأن العظماء لا يحتاجون إلى أعينٍ تراهم، بل يحتاجون إلى قلوبٍ تؤمن بهم. وسيظل مضوي الزين زعيم الكواهلة، وزعيم القلوب، وزعيم القيم التي لا تموت.
يتبع…..