عام

إسماعيل محموديكتب …طوفانُ سنجة،،،، عندما فار التنّور على الجنجويد وأشياعهم.

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

 

أحدهم قال يوماً إن المدن كالإنسان تفرح وتطمح وتهتف وتصمت وتحزن،، وإن الناس يحملون من مدنهم بقدر ما تحمله منهم.

إذاً هذا التشابه العميق والعلائق والصلات غير المبرمة والمكتوبة بين الناس ومدنهم تسهم بذكاء في ترسيخ الإنتماء وتشكيل هوية عبقرية بين المدن والناس.

سنجة من تلك المدن التي لها ذاكرة تتوهج عندما يحضر إنسانها،، فما بينها وبينه ثقافة وأدب ونضال وطموح يشبه تواشيح النهر الخالد.

لقد ظن الجنجويد أن سنجة عبد الله وضواحيها ستنفصل عن إنسانها عندما دخلوها غدراً وخسة بعد أن زينت لهم إماراتهم وأحلام ظلوطهم ورجرتهم سوء فعلهم فحسبوه فلاحاً،، إجتياحهم الخسيس ذاك فطفقوا يطردون إنساناً يشبه مدينته في كل شيء ولكنهم لا يعلمون.

كان جهلهم غبياً حينما استكانوا وأطمانوا لفعلتهم التي فعلوا،،، كانوا يظنون انه ليس ثمة لعنة ستصيبهم بعدما نهبوا وسرقوا واغتصبوا وبصقوا على مدينة لا يعقلون نهاراتها الوضيئة وأمسياتها المضيئة، وإنسانها الذي لا يبرحها حتى لو سكن غيرها ،، فما بينهما رفقة وأسرار وأرواح تعلقت بحب سيد الأولين والآخرين تتنزل عليها بركات سر الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم،،فسنجة مدينة رغم صغر جسدها لكن قلبها الكبير يتسع للجميع.

حتى أولئك الذين أخرجوا منها مرغمين تولوا إليها واعينهم تفيض من الدمع،، فهم لا يجيدون العيش في غيرها ولا يقدرون على مفارفة خيرها.

ولما لم يكن هناك بدٌ،، كان الفراق حلا مؤقتاً،، مُسرِفا في الوجع،، ولكن في المقابل كانت سنجة كما هي تنتظر عشاقها وهم كثر،.

هي كانت تعلم أن حبلها السُري يعانق ويمسح على الافٍ مؤلفةٍ من الجنود المخلصين الذين يعشقونها رغم انهم لم يُحظوا بعبقرية الخروج من رحمها،، لكن كانوا يرددون اوليس هي المدينة التي اهدت الناس حسن نجيلة وعبد الله رجب وزينب بليل وقائمةً تطول في الأدب والثقافة والسياسة والطب والفن والهندسة والنضال الوطني الباذخ.

كل ذلك وغيره كان محفزاً لتلبية النداء والفداء،، فكان الرجال على قدر عشم سنجة بكل فضاءاتها الفسيحة والرحيبة من انسانها الأول الذي عاش في العصر الحجري (البلستوسيني) وحتى لحظة كتابة هذه السطور.

السبت الثالث والعشرون من نوفمبر 2024 سيكون ذكرى فاصلة في يوميات وسرديات وملاحم معركة الكرامة وسيخلد طويلا في ذاكرة الشعب السوداني العزيز بكل مدنه وقراه واصقاعه،،، نعم كلها لأنها دفعت بكل بنيها من كل حدب وصوب وجهة لكنس مرتزقة الشتات ولم،، ثم جميعها ،ارسلت باقات الفرح النبيل الصادق،،، فأمس واليوم وفي الغد كل المدن سنجة.

فهنيئا للسودانيين الشامخين المخلصين بقواتهم المسلحة ومخابراتهم العامة والقوات المساندة من المشتركة والمستنفرين،،، هنيئا للجميع بعودة سنجة الي رحاب الوطن، فالعودةُ فاصلة مهمة ولحظة تأريخية فارقة،، وسطر مهيب في صفحات دفتر أرض السمر.

فعندما ننتصر تعود نضارة الأماكن لأنها كما الجسد،، و معركة الكرامة جعلتنا في تجلّياتنا وأنفعالاتنا كما الجسد الواحد.

وقريبا يتسع اللقاء بإذن الله في مدني ونيالا والخرطوم والجنينة لندندن حولها وعنها ولها وبها ،،،،

كلُ أجزاءِه لنا وطنٌ،، إذ نباهي به ونفتتنُ،، ونحن شعب لا تليق بنا غير الإنتصارات.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى