رأي

🌀 مواصلة في سلسلة سرد ( تحرير الإذاعة والمسيد ) :- في الطريق إلى المكان الآمن توقفنا في مدينة النيل، واستقبلنا هناك سيادة العميد أنور الزبير قائد متحرك عزم الرجال.

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

كان واضحاً ومريحاً أن الأرض أضحت تحت سيطرة الجيش تماماً .. تعود طبيعة الأشياء وتنقلب الأدوار وكنت أظنها لا تفرج .. والله لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل.

 

كان سيادة العميد أنور الزبير حفياً بنا .. تبادلنا التحيات والتبريكات وشرح لي بإختصار إنهم مسئولين عن تأميني وحمايتي وإن إسم العملية هي ( عين الصقر ).

 

أوصيته على المسيد أثناء فترة غيابي وخاصة أن مخزون الأغذية بدأ في النفاذ.

 

وعدني بتسهيل أمر ( دفار النقل ) ومازحني قائلاً: ( كلها كم يوم وترجع ).

 

في الطريق إلى البيت الآمن لم تتوقف الأسئلة في رأسي حول حجم الإستهداف لشخصي.

 

لست إلا واحداً من الناس تعهد أن يطعم و يأوي، لست خصماً لأحد، بل ولا طاقة لي بإحتمال وتحمل تلك الخصومة إلا بممارسة فضيلة الصبر الجميل.

 

في تلك الأيام كانت فيها أخبار الناس والمسيد مقطوعة عني، قضيتها في ضيافة البرهان.

 

نعم البرهان..

 

فهو من أمر بكل ذلك التأمين وتلك الحماية، والفضل يعرفه ذووه.

 

أذكر أنه في اليوم الثاني طلبوا مني تسجيل مقطع فيديو لطمأنة الناس انني بخير، عرفت فيما بعد أن لغطاً كثيراً دار بعد مغادرتي للمسيد.

 

المغرضين – عفا الله عنهم – لم يرضيهم أنني تحت حماية جيشنا وفي ذلك الأمان.

 

العميد أنور سجل زيارة إلى المسيد في غيابي، اطمأن على الأحوال وحسن سيرها – علمت ذلك لاحقاً – وسرني أن المسيد قام بالاحتفاء الظاهر بالسيد العميد بعد خطبة عصماء له.

 

المهم ..

 

عدت بعد تلك الأيام معززاً مكرماً وبذات الهيئة إلى المسيد لأكمل ما بدأته.

 

والعجيب أنني مكثت في المسيد ١٨ شهراً .. مقسمة ما بين سيطرتي الجيش والدعم السريع مناصفة ٩ شهور لكل منهما.

 

لكن شتان ما بين الزمنين .. ما بينهما برزخ لا يبغيان.

 

الـ ٩ أشهر التي أعقبت الشهور العجاف كانت أقل تحدياً ومصاعب.

 

صار فيها المسيد قبلة للزائرين .. ليسمعوا منا كيف صمدنا كل هذا الوقت.

 

ومن ضمن الذين زارونا سيادة الفريق الأمير عبدالرحمن الصادق المهدي، والذي حمل إلينا رسالة البرهان ومكرمته من المواد الغذائية.

 

ثم تلتها زيارة اللواء الظافر قائد سلاح المهندسين مع نائبه العميد حامد قنجارى بعد فك الحصار القاسي والطويل عنهم.

 

اللواء الظافر تعجب من العمل الجاري في المسيد ونظامه مرسلاً تعليقه الطريف: ( ضاربين الراحات والمطايب ).

 

قضى معنا سحابة من يومه ذاك وأهدى المسيد وعلى نحو دوري ( جازولين للمولدات ) مما كان له الأثر الطيب في تحسين أداء المسيد في أدواره الجديدة.

 

وبزيارة الوالي للمسيد ( بيتنا نور ) فقد أستطعنا أن ندخل الكهرباء إلى المسيد لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

 

أقف هنا اليوم، لكن القصة مستمرة..

 

ما رويته جزء قليل مما عشت، نكمله في الحلقة القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى