نسرين النمر تكتب – تحالف صمود – مراحل التكاثر والانشطار والموت الاميبي

لقد وضع العالمُ للديمقراطية حزمة معايير أخلاقية صارمة، لا تحتمل الالتفاف ولا التزييف؛ معايير تُعدّ شرطًا للوجود السياسي، لا زينةً خطابية. وكل ممارسة لا تنهض على هذه القواعد الراسخة، لا تتجاوز كونها ادعاءً أجوف، وشعارات زائفة يتلاعب بها سياسيون غالبًا محدودو الذكاء، معدومو الحسّ الأخلاقي، فينتجون مشهدًا هزيلًا مُربكًا، مضطربًا، هشًّا، يفتقر لعوامل الديمومة والبقاء، لا يقوى على الاستمرار لحظةً واحدةً، إذا انكشف الضوء على زواياه.
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!الديمقراطية كمبدأ إنساني ثابت يشترط بحتمية توافر الحرية العامة والفردية، المسؤولية الأخلاقية، المساواة في الحقوق والواجبات، لكن، “تكاد تكون الديمقراطية السودانية قد خلت من هذه المعايير المطلوبة والمرغوبة، وانشغلت بالصراعات الحزبية الضيّقة، والعجز عن مواجهة الأزمات الحقيقية، مما جعل ممارستها من قبل السياسيين تأخذ المسار البراغماتي العملي النفعي”، د. حيدر إبراهيم، (الديمقراطية السودانية، المفهوم، التاريخ، الممارسة)
* اختبار الأخلاق
وما أشبه مشهد اليوم بأمس قريب؛ فالقوى المدنية السودانية، بأحزابها وواجهاتها ومجموعاتها، تُختبر من جديد، فتسقط أغلبها في امتحانها الأخلاقي سقوطًا مدويًا. لقد تخلّت معظمها تقريبًا عن قيمها المُعلنة، وارتدت إلى حضن البراغماتية الفاضحة، واستبدلت البوصلة الوطنية ببوصلة المصالح الصغيرة؛ حيث لم تعد تلك القوى سوى شعارات مبتورة، تُرفع بجرأة لا تستند إلى أي شرعية أخلاقية، في محاولة يائسة لإخفاء جسد الخداع السياسي السوداني الذي كُشف حتى العظم.
وهذا ما ينطبق على ما يُسمّى بتحالف القوى المدنية الديمقراطية (صمود)، الذي بلغ الآن آخر مراحل «التكاثر والانشطار والموت الأمبيبي»؛ وهي المرحلة التي ينقسم فيها الكائن الأوّلي؛ إمّا ليواصل الحياة وإما ليندثر، وما يجري داخل «تقدّم وصمود-تأسيس» ليس إلا انشطارًا على حافة الفناء؛ حالة سياسية مضعضعة، مضطربة، مهزوزة، لا تُفهم إلا إذا أُعيدت إلى سياقها الكامل، وفُككت إلى جذورها الأخلاقية المتعفّنة، حتى الوصول إلى لحظة «الموت الشعبي والأخلاقي» التي تعيشها اليوم.
* الأسئلة الحرجة
ولكي تُفهم هذه المأساة، لا بد من طرح الأسئلة الحارقة:
مَن هي “تقدّم”؟
ولماذا انشطرت وتناسلت؟ وكيف تدخَّل المال السياسي القذر -شراءً وبيعًا- في دفعها إلى معسكرين، فقط ليضمن كفيلها الإماراتي أوراق تفاوض متعددة؟
ولماذا استُبعد ياسر عرمان؟ ولماذا بقي طه عثمان إسحق سيد المال والقرار، لا يُسأل عمّا يفعل؟
ولماذا بقي في المعسكر الآخر بينما مكانه الطبيعي، وفق أي منطق، داخل معسكر تأسيس؟
وما الذي فجّر الصراع بين حمدوك، ممثل «الوصاية الإماراتية»، وبين المجموعة الأخرى الواقعة تحت يد التحكّم المالي والسياسي؟
وهل ينفع اليوم تبادل اللوم بعد أن انكشف المستور وواجهت هذه القوى غضبة الشعب السوداني؟
ثم يأتي السؤال الأعظم:
ما حكاية الثلاثة ملايين دولار؟
وما طبيعة العلاقة الحقيقية، غير المُعلنة، بين الحرية والتغيير، وتقدّم، وصمود-تأسيس من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى؟
وهل ترقى هذه العلاقة إلى مستوى التحوُّل لـ«جناح سياسي» لميليشيا متورّطة في جرائم ضد المدنيين؟
وأخيرًا:
هل يملك د. عبدالله حمدوك الشجاعة لتقديم اعتذار صريح للشعب السوداني؟ أم إن الصمت سيظلّ هو اللغة الرسمية لمن قَبِل أن يتحوَّل من «رمز لمرحلة مدنية» إلى «أداة قتل للمدنيين»؟
*انقلاب 25 أكتوبر
في الساعات الحرجة التي سبقت انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، كان السودان يعيش على إيقاع لحظة سياسية متوتّرة، فقد كانت الدولة تقف على قدم واحدة على تخوم هاوية سحيقة، حيث كانت التوازنات الداخلية تتداعى بوتيرة متسارعة، والمشهد السياسي يترنّح تحت وطأة صراع الإرادات، فيما تتشابك الأصابع الخارجية في جسد الدولة، إلى حدّ يهدّد سيادتها ويجعل قرارها الوطني على وشك المصادرة.
وفي ذروة هذا الاحتقان، ومع اقتراب البلاد من نقطة اللاعودة، اتخذت قيادة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ما وصفته بـ«الإجراءات التصحيحية»، استنادًا إلى تقديرات أمنية رُفعت إلى أعلى درجات الإنذار، وكشفت، دون مواربة، عن انهيار وشيك في منظومة الحكم الانتقالي، وعن تشققات خطيرة في الجبهة الداخلية، ترافقت مع تمدّد خارجي غير مسبوق، بلغ حدّ التأثير والتهديد المباشر للأمن ووجود الدولة.
* حمدوك وافق على انقلاب 25 أكتوبر
وفي هذا المناخ المثقل، التأم اجتماع حاسم ضمّ قادة المؤسسة العسكرية ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، جرى فيه الاتفاق على حلّ الحكومة الانتقالية وإعلان بيان (وطني)، هكذا سميَ فجر 25 أكتوبر، بعد أن أبدى حمدوك تفهّمًا (واعيًا) لطبيعة اللحظة وخطورتها، طالبًا فقط مهلة قصيرة لتليين مواقف شركائه في لقاء مسائي مرتقب، بحسب وثائق مثبتة، بدا حينها أنه سيحدد مصير المرحلة برمّتها.
غير أنّ اجتماع حمدوك مع قيادات حكومته وحاضنته السياسية الحرية والتغيير اتخذ مسارًا آخر؛ إذ دفعه المجتمعون إلى التشبث بموقفه الرافض لأي تفاهمات مع المكوّن العسكري، مؤكدين على عدم قدرة شركائهم العسكريين على القيام بأي مغامرة، وبذل بعضهم التأكيدات على تلقيهم تطمينات دولية، تعمل على إجهاض أي خطوة مفاجئة.
ولعلّهم كانوا يشيرون إلى المبعوث الأمريكي جيفري فيلتمان، الذي غادر الخرطوم قبل ساعات فقط من ساعة الصفر. وللمفارقة، فالرجل كان يعلم واطلع على الخطة (أ و ب) وهذه حكاية أخرى.
إلا أن حمدوك، الذي لم يُطلع أحدًا على ما توصّل إليه مع العسكريين، (وهذا ما أجده يرقى لوصفة بالخيانة)، امتنع عن تنفيذ البيان المتَّفق عليه، تاركًا الساحة أمام معادلة صفرية، انتهت باعتقال عدد من القيادات المدنية وإعلان حالة الطوارئ. وهكذا دخل السودان مرحلة الانقلاب العسكري الكامل، في مشهد أُغلق فيه باب التسوية السياسية تمامًا وبإحكام.
* أبوظبي.. تدخُّل سافر
ومع تسارع الأحداث، برزت الأدوار الإقليمية بوضوح، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، التي سبق تدخلها مرحلة الانقلاب بزمن، وأسهمت، عبر النفوذ السياسي والمالي، في إعادة هندسة بنية قوى الحرية والتغيير، وكنا قد أشرنا في حديث سابق لأول لقاء في 12 أبريل 2023، ضمّ حينها عبدالرحيم دقلو ومحمد عيسى عليو والوليد مادبو وصالح عيسى، بأحد أهم القيادات (السرية) لتجمّع المهنيين. ثم تواصلت تلك اللقاءات في مقرات الدعم السريع بمدينة الطائف، وجميعها ذهبت في اتجاه ضرورة العمل والتنسيق المشترك لإدارة المرحلة.
تواصلت الخطة بالعمل على إقصاء أطراف بعينها؛ مثل حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) الذي يتزعّمه علي الريح السنهوري، الذي برّر خروجه حينها باصطفاف التحالف إلى جانب الانقلابيين،
وسبقه خروج الحزب الشيوعي من المشهد. لم يحدث ذلك مصادفة، فقد كانت تلك الترتيبات جزءًا من رؤية شاملة لإعادة تشكيل المسرح السياسي السوداني، بما يتقاطع مع مصالح إقليمية ودولية.
وبعد 25 أكتوبر، ومع ضوء أخضر إماراتي، بدأت الاتصالات السرية بين قيادة الدعم السريع وبعض عناصر قوى الحرية والتغيير، ضمَّت المهندس خالد عمر يوسف وياسر عرمان وصديق الصادق، بتنسيق من طه عثمان إسحق، الذي تحوّل لاحقًا إلى مستشار لعبدالرحيم دقلو. وفي الاجتماع الأول، أعلن دقلو اعتذارًا عن مشاركتهم في الانقلاب، مدعيًا أنه لم يكن سوى مناورة «إسلامية» داخل الجيش، ومقدّمًا وعدًا بـ«تصحيح المسار» والعمل المشترك ضد المؤسسة العسكرية. تم الاتفاق على العمل المشترك، شريطة أن يتم عن بعد، عبر تسمية وسيط منسّق لحساسية الأمر، وتمت تسمية (طه إسحق) منسّقًا، ومن هنا، بدأت خطة التحالف السري، بإشراف إقليمي مباشر، وبرؤية متكاملة، تُفضي إلى تحالف جديد مسنود بقوة عسكرية، تعمل على محاصرة وتفكيك المؤسسة العسكرية وعودة (الرباعية السياسية)، أو ما عرف حينها شعبيًّا بـ(أربعة طويلة) إلى سُدة الحكم، أو انقلاب خاطف يعيد ترتيب السلطة لصالح هذا التحالف الجديد.
* تحالف الحرب والسلطة
اندلاع الحرب في أبريل، بدّد تلك الحسابات؛ حيث تحوّل الانقلاب الخاطف إلى هزيمة، حيث انهارت قوات الدعم السريع في أسبوعها الأول، ونجحت القوات المسلحة في امتصاص الصدمة وإعادة تنظيم صفوفها. ومع فقدان قيادة الدعم السريع زمام السيطرة، انطلقت عملية تهريب بعض القيادات المدنية عبر سيارات الدفع الرباعي التابعة له، قبل أن توزَّع مجموعات منهم بين أديس أبابا ودبي وكمبالا، وفق ترتيبات إماراتية كاملة لصياغة خطة جديدة تتناسب مع الميدان، وتسعى، في الآن ذاته، إلى تجميل صورة الدعم السريع، بعد الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها في المدن السودانية.
* أبوظبي .. إعادة إنتاج وتسويق حمدوك
وفي هذه المرحلة، جرى استدعاء عبدالله حمدوك، وإعادة إنتاجه، وفق خطة أبوظبي. والعبارة هنا مقصودة بدقتها، حيث عُرضت عليه مهامّ تتقاطع مع صورته القديمة كـ«رجل المرحلة» و«الوجه المقبول دوليًّا»، ووضعه الجديد كمسؤول (إماراتي) رفيع، بعد تعيينه في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي ترأسته إبتسام الكتبي التي تحدّثت علنًا عن (مشروعية) تدخُّل الإمارات في السودان حماية لمصالحها!
وسبق ذلك تمويل المركز الإفريقي للتنمية الذي يرأس مجلس إدارته عبدالله حمدوك، وهذه أيضًا قصة أخرى نرويها لاحقًا.
وتواترت المعلومات المؤكدة عن تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار عبر المركز، ليبني عليه مشروعًا سياسيًّا جديدًا، تمثَّل في تأسيس تحالف (تقدّم) الذي تبنى خطابًا متناغمًا مع رؤية الدعم السريع، ووقّع معه لاحقًا «إعلان أديس أبابا»، السقطة السياسية الأبرز في مسيرة التحالف الجديد (توجد وثيقة).
إلا أنّ جرائم الدعم السريع، خاصة بعد دخوله المدن، سرعان ما كشفت حدود هذا التحالف، وأفرغت خطاب «استعادة المدنية» من محتواه الأخلاقي والسياسي، وعمّقت الفجوة بين هذه القيادات والشارع السوداني الذي شهد تحوّل جزء من قوى الثورة إلى حليف موضوعي لميليشيا متورطة في جرائم ضد المدنيين. وقد وصل الأمر بأحد قيادات الحرية والتغيير إلى الإعلان صراحة: «نعم، تحالفنا مع الدعم السريع، ويمكننا التحالف مع الشيطان ضد الحركة الإسلامية». ورغم أن الإسلاميين قد طوى الشعب صفحتهم في ثورة ديسمبر، فإن استخدامهم ذريعة لتبرير تحالفات مع قوى خارجية أو ميليشيات انفصالية، هو تضليل لا يقلّ خطرًا عن الفعل ذاته.
* “بروميديشن” تشتري الجميع لصالح أبوظبي
ومع تنامي الرفض الشعبي لتحالف تقدّم، بدأت الإمارات، خشية انهيار المشروع وظهور سيناريوهات مشابهة للحالة الليبية، في محاولة إعادة تشكيله، عبر تقسيمه إلى مكونات جديدة؛ أبرزها مجموعة صمود، في عملية «طلاق بإحسان»، تستهدف توزيع القوى المدنية إلى كتلتين: داخلية وخارجية، مع كتلة ثالثة تمثل الحصة السياسية للدعم السريع. وتمثّلت الخطوة التالية في إعادة تسويق حمدوك كقائد لصمود، وهو ما شهدته العواصم الإفريقية سابقًا وحاليًّا بزيارة الشيخ شخبوط آل نهيان، وحديثه المستغرب من بعض القادة عن حمدوك وتحالفه المدني، وعدم تطرقه لقائد الميليشيا حميدتي!
وما اجتماعات بريتوريا وأديس ونيون إلا خطوة في اتجاه دمج بعض القوى السياسية الداخلية المؤيدة للجيش وشرعية الدولة في هذا المسار الجديد، وأبرزها الكتلة الديمقراطية، حيث انخرط أحد قادتها في اجتماعات مكثّفة في القاهرة مؤخرًا، مع عدة أحزاب من تحالف صمود وبعض المبعوثين، وتحدّث فيها عن ضرورة ممارسة أقصى ضغط على رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، من أجل القبول بتسوية تبدأ بهدنة الرباعية، وعدم الرضوخ (لابتزاز) شركائه الآخرين في الكتلة، كما أسماهم. ولم يكتفِ بذلك، بل ذهب بعيدًا في وصف المشهد الداخلي بتحكم الإسلاميين في مفاصله، متناغمًا مع بروباغندا أبوظبي ودعايتها السياسية المضللة.
وهنا أتى دور منظمة بروميديشن التي تتلقّى تمويلًا سخيًّا من أبوظبي، وذات صلات موثّقة بميليشيا الدعم السريع التي نظّمت عدة ورش عمل في بورتسودان وسويسرا، وآخرها في ماليزيا، ضمّت عددًا من قوى الإسلاميين، ولعلّهم لا يعلمون أن ڤيتو أبوظبي قد صدر بأبعاد كافة (التيارات الإسلامية)، بما فيها المؤتمر الشعبي عن أي طاولة حوار تفاوضية قادمة (على السيد كمال عمر أن يعلم أن بيعهم تم بمباركة شركائهم).
والهدف الرئيس هو فرض رؤية سياسية جديدة، تقسّم المشهد إلى 3 كتل أساسية (دون سواها ستمثّل القوى المدنية السودانية) (كتلة الداخل، صمود، تأسيس)، ثم العمل على جمعها لطرحها في سويسرا، بصفتها «الممثلين الشرعيين» للمدنيين، وصولًا إلى اجتماع القاهرة تحت عنوان «القوى المدنية السودانية 2»، وبعده مؤتمر خاص في النرويج يجري التحضير له في سرية تامة.
لكن هذه الخطة اهتزّت من الداخل؛ فتضاربت المصالح بين مجموعة أبوظبي (حمدوك-طه) ومجموعة أديس، وتصاعد الخلاف بين حمدوك وطه حول التحكم في التمويل، قبل أن تأتي الضربة القاصمة من الشريك نفسه: قوات الدعم السريع.
في مجزرة الفاشر، لحظة السقوط الكبرى، أجهزت جرائم التطهير العرقي فيها على أي إمكانية لمنح الدعم السريع غطاءً سياسيًّا أو أخلاقيًّا. أصبحت الفاشر المأزق الأكبر للمجتمع الدولي، والنقطة التي تهاوت عندها السرديات المصنّعة، وتلاشت معها مشروعات أبوظبي ومساعيها لإعادة هندسة السودان، عبر وكلاء مدنيين وعسكريين.
* التواصل مع بورتسودان (توجد وثيقة)
ومع انكشاف هذه الحقائق، بحثت بعض القوى المدنية عن قنوات للتواصل مع الجيش، وبعضها أرسل موفدين إلى بورتسودان سرًّا، بينما خرج ياسر عرمان من تقدّم بخطوة لم تكن عفوية، (في تقارب سياسي برغماتي، سيكون مفاجئًا للجميع)، وجرى تهديد آخرين من قبل الدعم السريع بفضح وثائق تمويل سرية، بينها وثيقة خطيرة تسرّبت، تشير إلى مبالغ ضخمة، تلقّتها شخصية نافذة في حزب المؤتمر السوداني دون علم الحزب.
واليوم، تحاول أبوظبي عبر هذه القوى تغليف مشروعها بشعارات «لا للحرب» و«الهدنة الإنسانية»، وحشدت بعض الساقطين في امتحان الوطنية، بتبني تيار أوسع، يتصدّى لهذه المهمة، عله يمسح بعض الدماء التي لطّخت سمعتها دوليًّا، كأكبر داعم للإبادة والفوضى في العصر الحديث.
بينما تتخفّى قوى صمود خلف هذا الغلاف، في رغبة مريضة للعودة إلى السلطة تحت مظلة وصاية خارجية ناعمة، وأن تضع مصالحها فوق دم الوطن، وأن تستبدل شرعية الشعب بشرعية الميليشيا أو نفوذ دولة فاشية، تبحث عن موطئ قدم في السودان. يتم ذلك تحت ضغوط وابتزاز الجميع للجميع.
*مهارب النخب المدنية
في نهاية المطاف، لم يكن ما جرى سوى سقوطٍ مدوٍّ لأقنعةٍ ظنّ أصحابها أنها محكمة، فإذا بها تتهاوى تحت ضغط الحقيقة وغضبة الشعب. لقد انكشفت شبكة المصالح، وتعرّت الوصايات الأجنبية، وظهر زيف الشعارات التي رفعتها قوى ظنَّت أن التاريخ يمكن تطويعه بالمال أو المناورات الخائبة. غير أنّ السودان، برغم جراحه، أكبر من أن يُختزل في صفقات الهاربين، وأطهر من أن يُباع في أسواق الوكلاء، وأمتن من أن تُكتب نهايته في غرف فنادق أو مكاتب مخابرات.
هذه اللحظة، ليست لحظة تحليل سياسي، بل لحظة فرز تاريخي؛ إمّا انحيازٌ كامل للوطن وإما سقوطٌ كامل في وحل الخيانة. فالشعب الذي واجه الرصاص وأسقط الطغاة، لن يُهزم أمام مشروع مُستورد، ولن يترك مصيره رهينة حفنة منتفعين أو ميليشيا تبحث عن غطاء.
حقيقة واحدة لا غير:
أن السودان يكتب اليوم دفتر مستقبله، وأنه لن ينجو إلّا من وقف في صفّه، لا في صفّ كفيله.
وفي الحساب الأخير، لن يبقى في الساحة إلا مَن حملوا الوطن في ضمائرهم، أما الذين باعوه في سوق الوصاية، فلن يكون لهم نصيب سوى السقوط في قاع التاريخ؛ تاريخ لا يرحم ولا ينسى، ولا يمنح الخونة فرصة للعودة أو الغفران.
#أبوظبي_تمول_مليشيا_الدعم_السريع_الارهابية
#د_عبدالله_حمدوك_رئيس_الوزراء_الأسبق_رجل_وظيفي_لدولة_وظيفية
#_الدعم_السريع_منظمة_إرهابية
#الحرب_في_السودان_في_نهاياتها
#السلام_سيتحقق_لأن_الشعب_يريد
#القوى_المدنية_إختبار_الأخلاق
#السودان_شعب_حر_الإرادة_وسينتصر
#السودان_قضية_عادلة_إنتصار_شعب
#العنوات_24




