
اتذكر جيدا كيف كانت “السكرة” بانهيار نظام البشير وكم ثملنا بأحلام المدينة الفاضلة كم عشنا حلم التعليم المجاني والعلاج المجاني والحرية والديمقراطية ..بل حلم معاقرو الوهم ب(العرقي يكون مجان) … وفجأة باغتتنا “الفكرة” و في الوقت نفسه. ” السكرة” امتزجت وذابت بـ”الفكرة” وبتنا نتخبط بين رفض موت الحلم وكوابيس الواقع المذري…
لم يكتب لنا أن نعيش حلاوة ما ظنناه مذاق سكرة الحرية والخلاص من الاستبداد والفساد حتى رأيناا” بأم العين” إعادة انتاج الاستبداد والفساد واستغلال احلام الشباب بالثورة الناصعة بل والمتاجرة بدمائهم من اجل المناصب والمكاسب…
عشنا ما يمكن تسميته بفوضى البشاعة وليس الفوضى الخلاقة .
فجأة صارت الثورة والانتماء لها يعني العداء السافر للمؤسسة العسكرية وتحميلها كل موبقات تخلفنا وهواننا بين الأمم.. ولعل الملاحظ لمحيطنا القريب يرى أننا نسير وفق مخطط تم تنفيذه في كل الإقليم .
فالمخطط الخبيث ، كما اعترفت المبشرة بالنظرية كونداليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة ومستشارة الأمن القومي الاميركي مؤخرا في إحدى محاضراتها بمعهد بروكينج الأمريكي، لم يكن الذهاب الى أفغانستان في 2001 أو العراق في 2003 من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وانما من أجل تفكيك الجيوش ونشر الفوضى تمهيدا للتقسيم ما من مثال أوضح لذلك من العراق إذ أنه بعد حرب العراق التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش يوم19 مارس 2003 لاسباب واهيه تشبه اسباب الفتوة المتسلط .
فقد كان قراره بحل وتسريح الجيش العراقي، هو القرار الذى أدى إلى انتشار الفوضى وتحولت معه العراق من درة في جيد العالم العربي و دولة موحدة الى دولة فيدرالية بين ثلاث قوى متصارعة هي، الأكراد والسنة والشيعة. بجرة قلم أمريكية تم حل أقوى جيش عربي حتى ذلك الوقت .ثم كان الدور في خطة الفوضى والتفكيك كان على الجيش السوري .
بدأت الأحداث بالثورة ثم سريعا ما انتقلت الى تدمير الدولة وبالطبع تدمير الجيش.
كنا نسير لهذا المصير المشئوم وبخطى ثابتة ..فقد بدأ حينها و رويدا رويدا غرس العداء لمؤسسة الجيش والشرطة معا في نفوس الشباب لدرجة ان تشمئز نفوسهم لمجرد ذكر هذه الموسسة ، وأصبح منسوبو هذه المؤسسات يشعرون بالغبن فهم مستهدفين بالاساءة أينما حلوا بمناسبة وبدون مناسبة .
فجأة صارت البلاد تدار (برباعية) ..بعد جهد جهيد ودماء ودموع …اعادوا اقزام السياسة الزمان القهري …عدنا لزمان الانتداب والاستعمار واستبدل الأقزام الحكم الثنائي برباعية …الله الله
اعتقد رغم بشاعة الحرب الا اننا يجب ان نشكر لها انها أوقفت ذلك السقوط المذري في شرك مخطط الخارج ذلك السقوط الذي قادنا إليه بغاث الطير من خدام السفارات وآكلي أموال المشبوه من المنظمات .



