رأي

د.غازي الهادي السيد – من همس الواقع – المعلمون بين مطرقة الغلاءوسندانة الظلم

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

فقد تحمل المعلمون من الأعباء ما لم يتحملها أحد من موظفي الدولة،مما اضطر الكثير منهم إلى الاغتراب ،والبعض الآخر قد اضطر لترك المهنة، وماذلك إلا بسبب قلة أجرها التي لاتسمن ولاتغني من جوع، فضعف راتب المعلم، جعله غير قادر على الصرف على اسرته، فمعظم المعلمين في الدرجات من السابعة عشر إلى الدرجة الثامنة اوالخامسة يتقاضى المعلم الواحد فيهم راتب لايفي لشراء جوال ذرة الذي بلغ قيمته120 جنيها، فقد صار بعض المعلمين يمتهن مهن هامشية ويتمسكون بها مع مهنتهم ،لسد حوجة اسرهم، وبعضهم أصبح ابناؤهم ضحايا ضعف الراتب حيث لم يكملوا التعليم الجامعي نسبة لظروف الأسرة،حيث دُفع بهم إلى الأسواق، بحثا عن عمل بدلا من الدراسة لمساعدة أبائهم المعلمين ،في توفير احتياجات الأسرة،أو لقمة العيش،

ورغم ذلك يطالب المعلم المغلوب على أمره، إن يؤدي واجبه على أكمل وجه دون مراعاة لظروفه، فعن أي عدل تتحدثون أيها المسؤولون؟ فإذا أردتم تعليم معافى، فأعيدوا للمعلم قيمته وهيبته، حتى يستمر في العطاء وتجويد الأداء ،وليستعيد التعليم عافيته،ويجد أجيال الغد حظهم من العلم والمعرفة، لكي يتعافى الوطن، ويُبنى وينهض،ببنيه الذين تلقوا العلم من رسل المعرفة، حتى يلحق الوطن بمصاف الدول المتقدمة،فراتب المعلم اليوم صار لايقوى على الصمود ليومين لاسرة معلم كبيرة، فكيف يكون المعلم في وطننا ناجحا إذا كان يشغل تفكيره أبسط مستلزمات أسرته، وكيف سيعطي درسه في فصله، وهو مشغول بمن لاحول لهم ولاقوة ،من أطفاله،

أيها المسؤولون إن المجتمعات والشعوب والأمم تُقاس بماتحمله من تقدير واحترام لمبدعيها،الذين يفنون حياتهم من أجل تقدم أوطانهم،لأنهم هم صانعوا المجد والحضاره لها،فكما هو معلون إن الأوطان لاتقوم إلا على كاهل ثلاثة:جندي يحميها، وفلاح يغذيها، ومعلم يربي أجيالها،فإن الدول التي أدركت سر التقدم اتجهة نحو دعم التعليم ووضعت له أكبر الميزانيات، فسنغافورة مثال يحتذى به في النهضة في كل المجالات، وماكان لها ذلك لولا اهتمامها بالتعليم وتوقير معلميه، واعطائهم كافة الحقوق (مادية،معنوية ،مهنية)، حيث يقول مؤسس سنغافورة “لي كوان بو” الذي حكمها لمدة ثلاثة عقود متتالية، وكان له الفضل في نقلها من العالم الثالث إلى الأول خلال أقل من جيل، واستطاع أن يحولها من جزيرة فقيرة إلى دولة متقدمة اقتصاديا بفضل التركيز على التعليم والمعلم وتطويره ،فقد صرح مؤسسها بقوله: أظن أنني لم أقم بالمعجزة في سنغافورة ، أنا فقط قمت بواجبي فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيرت مكانةالمعلم من الطبقات الدنيا في المجتمع، إلى المكان اللائق بهم، وهم صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن، وأي مسؤول يحب بلده ويهتم بشعبه كان سيفعل مثلي،وقد اعتبرت فنلندا كذلك أن المعلم هو من يحدد مستقبل الوطن، ويحقق نهضته،فكان لها ماتمنت من نهضة لاتضاهى،فيا من آل إليكم أمر هذا الوطن،أنتم مسؤولون أمام الله، عن حق هذه الأجيال من التعليم، واعلموا أنه لامخرجات للتعليم إن لم تكرموا المعلم، وظيفيا ،ومعيشيا ونفسيا،واجتماعيا،فإن الله لايهب النجاح لوطن تلقى المعلم في حماه مهانا، فأنصفوا تلك الشمعوع التي تحترق لتضىء سبل السالكين،ولتضيء لكم عتمة السودان،

فإذا أردتم أن تستقيم الأمور غي الوطن. أنقذوا المعلم من الدرك الأسفل الذي هو فيه بسبب ضعف اجورهم، وأعيدوا للمعلم حقه، كي يستعيد الوطن مجده،ويعاد له عافيته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى