رأي

عزيزة المعراج تكتب …ماسحو الجوخ

الجوخ في لغة: نوعٌ من الصوف … والواحدة منه جوخة… وهو نوعٌ فاخر من الثياب يتزين به عادةً التجار وأصحاب الحظوة من الوجهاء والولاة والملوك والسلاطين…ويلبسونه في المواكب والاحتفالات كنوع من الزينة والمظاهر وإظهار الثراء…ولذلك أُطلق عليهم (أصحاب الجوخ) نسبةً لما كانوا يلبسون.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

و (مسح الجوخ) هو التملق والتزلف والمداهنة، لشخص معين بغية الوصول إلى غاية معينة.

وأصل الكلمة تركي…(الجوخه دار) أو (ماسح الجوخ) …وهو مصطلح كان يُطلق على من يخدم السلطان في إعداد وتنظيف ولبس الثياب والأحذية، ثم توسع المعنى ليشمل كل من يقوم بإسدال الستائر وفتحها في السرايا وقصور الوزراء… وكان (ماسحو الجوخ) أولئك يتقربون من طبقات (أصحاب الجوخ) كالولاة والملوك والسلاطين… فيمسحون عباءاتهم المخملية من الغبار والشَّعر الذي يلتصق بها طمعاً بالحظوة عندهم ونيل نصيب من المال أو الجاه… أو يتملقون للسلطان حتى لا يخسروا مناصبهم … فأصبح (مسح الجوخ) مصطلحاً يرمز إلى التقرب من أصحاب المناصب بالنفاق للوصول إلى الغايات المرجوة.

وللأسف هذا التزلف و الزيف الأخلاقي والنزيف في العزة والكرامة انحدر إليه كثيرون  من ماسحي الجوخ خاصة ممن يعملون في بلاط صاحبة الجلالة ( السلطة الرابعة) …

وهذه الظاهرة( مسح الجوخ) هي كالسوس الذي ينخر عظم اي مجتمع من الداخل، ليصبح هذا المجتمع عبارة عن مجموعات من الظواهر الفارغة الخاوية من المحتوى . وهذا نجده كثيرا في مجتمعات السودان ما يمكن ان نسميه بنفاق الإنجاز . وهو أن تحيط نفسك بمجموعة من ماسحي الجوخ من الاعلاميين ليعظموا ما تفعل ويضيفوا لك ويزينوا ذاتك الفانية بالحلي والحلل.. فهم قوم خلقوا من أجل المداهنة والتزلف، ولعلي لا ألومهم كثيراً عندما يكون «مسح الجوخ» العصا السحرية لتحقيق كل الأمنيات من ووجاهة اجتماعية وبعض دريهمات والمناصب  احيانا  ….لكني والله اربى بكل إعلامي بمثل هكذا تزلف واهدار للكرامة الإنسانية على بلاط المسئولين…انت وكيل الشعب أمام المسئول  …وانت صاحب القلم والرأي  …

ولعل السؤال المشروع هو  كم من ماسح جوخ في مجتمعنا كان بمثابة العازل الشفاف بين المسؤولين وبين المجتمع وهمومه وتطلعاته؟

في هذه البلاد التي دخلت محرقة الحرب يتطلع هذا الشعب بعد أن تخمد نيرانها للنماء فعلاً، ويامل هذا الشعب عن تطور عميق واستراتيجي وارتقاء يمس عمق الوجدان وفق فكر استراتيجي وخطط تنمية حقيقية وليست على الورق فقط لكن ويالبؤسنا وابتلائنا اذا يسطح «ماسحو الجوخ» كافة هذه الآمال باستعدادهم لمسح جوخ كل عاطل من الموهبة والإنجاز ….لم ينجز ؟ ما دام هناك من ينفخ في ذاته ويضخم إنجازاته سواء صنعها ام لم يصنعها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى