عام

عزيزة المعراج تكتب الوعي الجماعي

الوعي بشكل عام هو معرفة يكتسبها الفرد من مجتمعه ومن تفاعله معه وتترسخ هذه المعرفة بحيث تصبح ركيزة للسلوك …. ولا يشك عاقل في أن التحلي بالوعي بات ضرورة ملحة فالكوارث التي نحياها، والهزائم سواء على المستوى الشخصي في مجتمعاتنا الصغيرة في الأسرة والقرابة والجيرة واماكن العمل ،  أو تلك التي نكتوي بنارها – من فشل إداري وسياسي وتخبط وتشرذم وتفرق انتج حروبا وتخلفا وفقرا مدقعا رغم الغنى بالموارد كل ذلك إنما هي بسبب غياب الوعي الجماعي المناسب لمواجهة التحديات الماثلة والمفروضة ، اولتحقيق الآمال المرجوة و المعلقة.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

وقد فطن الشيخ الجليل محمد الغزالي لهذه المعضلة من غياب الوعي الجمعي لدى الأمة، فقد كتب  رحمه الله في كتابه كنوز السنة : “الضمير المعتل والفكر المختل ليسا من الإسلام في شيء، وقد انتمت إلى الإسلام اليوم أمم فاقدة الوعي، عوجاء الخطى، قد يحسبها البعض أممًا حية ولكنها مغمى عليها، والحياة الإسلامية تقوم على فكر ناضر، إذ الغباء في ديننا معصية”. ولعله صدق اذا نظرنا لحالنا كأمة أو مجتمع سوداني نظرة فاحصة وليست تلك النظرة الكليلة التي تضخم المحاسن وتدخل في حالة إنكار حد الغيبوبة عن المساوئ

والسؤال المطروح لماذا نحن فقراء رغم ما أنعم الله علينا به من موارد …لماذا نتخلف والامم تتقدم ؟
التقدم لا يعتمد على عمق وجودنا وحضارتنا تاريخيا … نعم تاريخنا ضارب في عمق التاريخ …لكن هناك دول نشأت قبل ما يقرب المئة عام وقد قافتنا تقدما وحضارة وتعدتنا بقرون (في القطار الطار ) فكندا واستراليا ونيوزيلندا مثلا لم تكن موجودة قبل 150 سنة وبالرغم من ذلك فهي دول متطورة وغنية ولا نحلم أن نصل إلى مصافهم
ولا يمكن أن نرجع أسباب فقرنا إلى الموارد وما اغنانا بها …ولعل أشهر مثال إلى عدم أهمية الموارد في التقدم اليابان مساحتها محدودة، و80% من أراضيها عبارة عن جبال غير صالحة للزراعة أو لتربية المواشي، ولكنها إحدى الاقتصادات القوية في العالم. اليابان عبارة عن مصنع كبير ، يستورد المواد الخام لإنتاج مواد مصنعة تصدرها لكل أقطار العالم. و سويسرا.. بالرغم من عدم زراعتها للكاكاو إلا أنها تنتج أفضل شوكولاته في العالم، ومساحتها الصغيرة لا تسمح لها بالزراعة أو بتربية المواشي لأكثر من أربعة أشهر في السنة، إلا أنها تنتج أهم منتجات الحليب وأغزرها في العالم، لا يمكن ارجاع سبب تخلفنا الى غباء او كسل كما يقال
فالسوداني متميز جدا خارج السودان واسهم اسهاما كبيرا في بناء وتعليم وطبابة وادارة كثير من دول الجوار الاقليمي القريبة …لماذا يتميز أكثر عندما يفارق محيطه؟
اذا” ما هي المعضلة ؟ هذه الحرب يجب أن تكون حد فاصل ونقطة تحول في وعينا الجمعي ..

بالتجربة والواقع وضح ان لدينا خلل في السلوك والممارسات التي تشكلت وترسخت عبر سنين من التربية والثقافة في مجتمعاتناالسودانية . لابد ان نمضي كما خلق الله في سكة توصلنا إلى تقدم ورفاه نستحقه لابد من أعطاء قيمة الاخلاق …الأخلاق ليست الكرم والشهامة والمروءة . الأخلاق تعني الالتزام وإتقان العمل واحترام القوانين واحترام حقوق الغير واحترام الحق العام والمال العام والادخار والاستثمار والسعي دائما للتفوق في الابتكار مع الدقة في كل الأعمال وعلى رأس كل ذلك احترام الوقت والحفاظ عليه، نحن في الحقيقة وبلا مواربة في السودان لا نتبع تلك السلوكيات إلا قلة قليلة منا..

لقد.اضطرتنا الحرب إلى اللجوء وقد ثبت لدي برأي العين المجردة كم نحن امة فاقدة للوعي ومشوشة ..إن قضية الوعي ينبغي أن نوليها أهمية تتناسب مع قدرها، إذ هي قضيةُ حياةٍ أو موت، وجودٍ أو فناء، فاعلية أو خمول.

أخيرا

كلما زاد نضج المرء ووعيه وكثر حلمه وعلمه انطفأت فيه رغبة الجدال شيئا فشيئا، وبات أبعد عن الملاسنة وأقرب إلى التجاهل والتغافل، وأيقن أن وقته أغلى من أن يضيعه في جدل بغير طائل، ومزاجه أولى من أن يكدره للانتصار في موقف عابر، نحو مزيد من الوعي والحلم والنضج والتسامح والتمسك بالأخلاق الحميدة كأساس في حياتنا واحترامنا للغير والتوجه نحو الوعي الجماعي وليس الفردي هو منجاة لنا في حياتنا الدنيا التي هي معاشنا وصلاح لنا لآخرتنا التي هي معادنا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى