رأي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة – البرهان… لا حلول تُفرض على السودان

 

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

جاءت تصريحات الفريق أول عبد الفتاح البرهان في لقائه التنويري لرتبة اللواء فما فوق حاسمة تكشف عمق التعقيد في المشهد السوداني، وتضع خطوطًا واضحة بين المقبول والمرفوض في العملية السياسية. لم يكن حديثه موجّهًا لضباطه فقط، بل للداخل والخارج معًا، مقدمًا رؤية الجيش للحرب ومسار التسوية.

 

شدّد البرهان على رفض إعادة تدوير القيادات التي يعتبرها الشارع جزءًا من أسباب الأزمة، مؤكدًا أن لا أحد يفرض على السودانيين لا حمدوك ولا حميدتي. هذا الموقف ينسجم مع المزاج الشعبي الرافض لعودة رموز ارتبطت بالحرب والانقسام، ويرى كثيرون أن عودتها إعادة إنتاج للأخطاء الماضية.

 

وحَمَّل البرهان المجتمع الدولي مسؤولية التقاعس عن نجدة الفاشر، مجددًا التأكيد أن السودان لم يمنع الإغاثة. هذا الاتهام وجد قبولًا واسعًا لدى المواطنين الذين يرون أن العالم يتعامل بمعايير مزدوجة ويتجاهل معاناة المدنيين في الغرب.

 

كما رفض البرهان ما سماه “أنصاف الحلول”، ودعا لتسوية تُعيد للدولة هيبتها وتحتكر السلاح. وأكد أن الجيش سيُصلح نفسه بنفسه بعيدًا عن الضغوط الخارجية، وأنه لن يقبل بحل أجهزته الأمنية أو إعادة تشكيلها وفق أجندات غير سودانية. انتقاداته للوسطاء كانت واضحة، خصوصًا عندما اتهم البعض بعدم الحياد وذكر مسعد بولس بالاسم.

 

ووجّه البرهان اتهامًا صريحًا لدولة الإمارات بدعم المليشيا، معتبرًا ذلك دعمًا مباشرًا للحرب، مما يجعلها وسيطًا غير نزيه في أي عملية سلام. الاتهام يعكس توترًا سياسيًا عميقًا بين الخرطوم وأبوظبي.

 

أما الورقة التي قدمتها الوساطة ووصفها البرهان بأنها “الأسوأ”، فقد رأى أنها تسعى لإلغاء وجود القوات المسلحة والإبقاء على المليشيا. هذا الاتهام يعكس فجوة ثقة كبيرة في المسارات المطروحة، ويثير مخاوف من رغبة بعض الأطراف الخارجية في صياغة مستقبل السودان بعيدًا عن رغبة شعبه.

 

وربط البرهان أي وقف لإطلاق النار بانسحاب المليشيا من المناطق التي دخلتها بعد اتفاق جدة، خاصة الجنينة وزالنجي والفاشر، وهو شرط يراه كثيرون أساسيًا لضمان أمن المدنيين. كما أكد أن قوة المليشيا تآكلت وأن الجيش استعاد المبادرة، مشيرًا إلى تقلص عدد مقاتليها بشكل كبير منذ بداية الحرب.

 

وأبدى البرهان احترامه لمبادرة الأمير محمد بن سلمان، معتبرًا إياها مبادرة صادقة يمكن أن تفتح بابًا للحل، بخلاف بعض المسارات الأخرى التي يرى أنها غير محايدة. ورغم قسوة الحرب، لا يزال السودانيون يرفضون أي تسوية تُبقي المليشيا جزءًا من مستقبل الحكم، ويرون أن السلام الحقيقي يبدأ باستعادة الدولة وسلطتها وأمنها.

 

في المحصلة، لم تكن تصريحات البرهان مجرد خطاب عابر، بل إعلان موقف: لا وصاية، لا مليشيا، ولا حلول تُكتب خارج الإرادة السودانية. وبين هذه المواقف، يبقى مطلب الناس واحدًا: سلام يعيد للدولة هيبتها، وللجيش السلاح، وللسودان وحدته واستقراره… لنا عودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى