د.غازي الهادي السيد – من همس الواقع – معلم الجزيرة الشعلةالتي سيطفئها الظلم والحجود

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!
لقد اندمل جرح ولاية الجزيرة بعد تطهيرها من دنس التمرد،وعادت إلى حضن الوطن،بعزيمة أبطال قواتنا المسلحةوالقوات المساندة لها،لتعود الحياةفيها إلى سابقتها، بعودة وزاراتها ومؤسساتها الحكوميةوالخدمية،وماوزارة التربية والتعليم الوطنيةإلا واحدة من تلك الوزارت التي عادت بكل ثقة متحدية كل الظروف بمعلم انهكت ظروف النزوح قواه،فعاش تلك الأيام الصعبة في تقشف كامل، من دون مرتب لمدة عام وثلاثة شهور ، عاشها في ضنك ،سنة وتلاتة شهور وهم يكدحون بحثا عن لقمة عيشٍ تسد رمق ابناءهم ،فالحديث عنه اليوم هو حديث عن قصة صبر وعزيمة في وجه تحديات جمة، بالرغم من الأهمية القصوى لدوره في بناء مستقبل البلاد وتقدمها، وجد نفسه يكابد صعوبات معيشية هددت استقراره النفسي والاجتماعي،لكنه كان صابراً على ذلك،وبعد أن هدأت أصوات البندقية، عاد المعلم من النزوح مريضاً أو منهكاً ،فمنهم من وجد منزله خالياً إلا من تلك الجدران الأربعة ،ومنهم من وجد قليل أثاثٍ ، ليبدأ من الصفر ،مما زاد المعاناة معاناة، عاد المعلم بعد صبر، وهو يحلم ويأمل أن تنظر له الحكومة بنظرة فاحصة ترى فيه بأنه هو أساس التنميةومفتاح التقدم وهو كذلك ، بعد تلك السنين العجاف التي عاشها،ليصطدم بواقع أشد مرارة مما عاشه ،حيث غلاء الأسعار وارتفاع الحياة المعيشية، ليصير المعلم مابين مطرقة الظروف المعيشية ،وسندانة الظلم،ويعيش المأساةالحقيقية،بإهماله وتركه يعاني ،بمرتب لايكفي لوجبة عشاء في الشهر تكلفتها تبلغ الستة أو السبعةآلاف وقد تزيد بحسب عدد الأسرة ناهيك عن حاجاته الأخرى هذا اذا ماأصاب أحدهم مرض وما أكثره مع تفشى الأوبية، ورغم ذلك صار المعلم شعمة يحترق ليضيء طريق السالكين، وليهب للوطن أنفساً وعقولاً،قاوم كل الصعاب ،جهادا في معركة الكرامة بطباشيرته،محاربة للجهل ونبذاً للعصبية والجهوية والقبلية،لتنعم الولاية والوطن كله بالأمن والسلام،لكن كان جزاه جزاء سنمار ،حيث ظل على راتبه القديم الذي لايواكب حياة اليوم،وهو راتب تخجل أن تذكر قيمته،أمام موظفي الدولة الذين في درجته وبنفس المؤهل،وكان جزاءه بعدم اعطائه متأخرات مرتبات عام 2024 كله ولم تصرف حتى اليوم، مع مرتبات ثلاثة شهور في عام2025يوليو وأغسطس وسبتمبر مع منح العيد ومستحقات أخرى من بديل نقدي وغيره ،وهذه قضية تمس صميم كرامة المعلم وحقه في حياة كريمة، فكيف يمكن لشخص مؤتمن على أغلى ما نملك” أبناءنا ومستقبلهم” أن يعيش تحت وطأة الضغوط المادية والقلق الدائم بشأن تأمين لقمة العيش؟ إن هذا الوضع يولد شعورًا بالإحباط والظلم، ويقلل من دافعيته للعطاء والإبداع في عمله، مما ينعكس سلباً على جودة العملية التعليمية برمتها.
فيا من بيدكم القرار أنصفوا من علمكم أنصفوا رسل المعرفة ،تذكروا دور المعلم الذي أفنى عمره في تربية الأجيال، واذكروا معاناته وحجمها، وأعملوا لتذليها، ليعود لمكانته السامية في المجتمع، ويبدع ويقدم مايرفع الوطن.
إن قضية المعلم ليست مجرد شأن فردي، بل هي قضية وطن وأجيال ،كيف ننهض كمجتمع إذا كان من يربي الأجيال ويصنع العقول يُهمل ويُهان،فهم لم يطلبوا الكثير ،بل طلبوا حقوقهم المالية وتحسين أوضاعهم ،
فما آن الأوان ياصنعي القرار أن تستريح تلك العقول المُتعَبة والأرواح المرهقة !
أما آن للأجساد التي أرهقتها المعاناة أن تستكين وترتاح، فقد عانى هذا الدينمو المحرك للعملية التعليميةوظل وللأسف ومازال مهملاً، فجراح المعلمين في ولاية الجزيرة لم تندمل بعد، إن المعلم المغلوب على أمره بهضم حقوقه وتأخير مستحقاته، ظل يُنظر له في مجتمعه نظرة دونية،لما عاناه من فقر ظل ملازما له ،فالمرتب الذي تتحدث عنه الحكومة كان قبل الحرب لا يسمن ولايغني من جوع،فالمعلم تحزن له إن ذكر لك مايتقاضاه من أجرٍ شهري، فمثلا مرتب معلم بولاية الجزيرة أفنى حياته في تعليم الأجيال وترقى لأعلى الدرجات إلى أن وصل إلى الدرجة الأولى لايتعدى مرتبه المئة وثمانين ألف لاغير،فهذه وصمة عار في جبين كل مسؤول، هذه جريمة نكراء ترتكب بحق مشاعل النور والمعرفة وبناة الأوطان ،والسؤال الذي يطرح نفسه لأصحاب القرار!!
إلى متى سيبقى المعلم مهمش الى هذا الحد ؟!!
والى متى سيبقى المعلم يعيش دون المستوى؟ففضل المعلم على الوطن كبير، فهو الذي يُنير طريقه إلى التقدم والنجاح، وهو الذي ينبني الأجيال الصاعدة والعقول الفذّة، فلولا المعلم ما تعلم أحد، ولولا المعلم ما تقدم وطن ولا نهض.