من بين الأحداث الصادمة التي توالت على السودان ، أن اقرأ لصحافي قدير مثل الاستاذ “أسامة عوض الله” ، وهو يكتب مقالاً مزدحماً بالتجريم والاتهام ، لأن زميلته “رشان اوشي” أجرت حواراً تلفزيونياً عبر برنامج “تساؤلات” مع ضيف من قبيلة ” الرزيقات” ، مطالباً بالتحقيق معي واتخاذ إجراءات ضد مؤسسة التلفزيون لأنها سمحت ل (رزيقي) بالظهور .
Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!زميلي العزيز “أسامة عوض الله”، لا شك أن السودان في مأزق تاريخي، لم تكتمل بعد فصوله ، الحرب أحدثت أثراً غير مسبوق في النسيج الاجتماعي السوداني ، حيث استثمر وكلاء مشروع استعمار السودان (الاماراتي _ الاسرائيلي) في القنابل الاجتماعية الموقوتة منذ سنوات ، وبالتالي ستواجه الدولة مستقبلاً بمهدد خطير يتعلق بتركبيتها السكانية .
قبيلة الرزيقات جزء من تاريخ، حاضر ومستقبل السودان ، “حميدتي” لا يعبر عن مشروع قبلي ، إنما عن ظاهرة استثمرت النزاع الاجتماعي المكتوم في تبرير التمرد على الدولة ، وقدمت المليشيا خطاب عنصري لأغراض التحشيد واستغلال علو كعب الانتماء البسيط لدى انسان البادية في مقابل الانتماء المركب .
الكوارث لا تأتي فرادى. صدى الخطاب القبلي ضد المجموعات السكانية سيتردد بقوة داخل المجتمعات السودانية في المستقبل القريب ، انعكاس توظيف الصراع الاجتماعي والطبقي خلال حرب ١٥/ابريل ، والارتباك المجتمعي الذي تجاوز الجغرافيا إلى الجوار باستجلاب المرتزقة من القوميات المشتركة ، عبر المال وخطاب التحشيد العنصري .
إن لم نعمل على حماية النسيج الاجتماعي السوداني ، باستيعاب حقيقة هذه الحرب ، والتي في ظاهرها تمرد مجموعات سكانية لمنحها غطاء ثورة اجتماعية لضمان تأييد الرأي العام الغربي لمناهج أنظمته التي تحاول استعمار السودان ، سنجد أنفسنا في مواجهة أزمة اجتماعية خطيرة حال انتهاء الحرب وعودة المواطنين إلى بيوتهم .
في اعتقادي، الافضل لقادة الرأي أن ينتبهوا لأهمية التعامل مع نتائج الأحداث الاجتماعية التي صاحبت الحرب داخل الأحياء وبين الجيران ، فلأول مرة يكتشف السودانيون أنه يمكن أن تصبح بلادهم عارية من الحماية المجتمعية المتمثلة في الوحدة الوطنية ، بعد قرابة سبع عقود من الاستقلال .
للمرة الأولى منذ إعلان الاستقلال ، ، تعيش بلادنا مأزقاً تاريخياً، تغيب فيه الحيوية السودانية المعتادة، وتختلط حسابات الشعب في التعامل مع بعضه البعض .
اخي العزيز “أسامة” الطريق إلى النصر ليس ممهداً بالورود ، بل مليء بالعقبات الكبرى، بلادنا تدخل نفقاً سياسياً ومجتمعياً طويلاً أو مظلماً، تتشابه فيه مع النماذج المأساوية في الجوار الافريقي .
إذن، المأزق التاريخي في السودان ، يتمحور حول انشقاق مجتمعي متوقع، من الممكن أن تجد بلادنا خارج الخارطة الجيوسياسية ، حال استمر انقسامها بهذا الشكل، وفي ظل زئير قوى أخرى، تقف على الشاطئ الآخر، تستعد للوثوب على الميراث السوداني المتراجع وراء النيل .
لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأيام السودانية المقبلة، لكن المؤكد أن هناك مأزقاً تاريخياً مجتمعياً إما الخروج منه، وإما الإقامة فيه.
محبتي واحترامي